كنت فيما مضى كشجرة تمنح الظل والجمال والثمر
فأصبحت الآن لا أمنح إلا الظل , وأخاف أن يــأتي
يوم لا أمنح فيه حتى الظل . لأن أعضائي ســــتذبل
وتتساقط, كما تتساقط أوراق الأشجار في شــــــتاء
جليدي عاصف ...فيالتعاسة الحياة...................
الحلم
تحت ظلال الأكاسيا , وبين قرقعة النراجيل , وأصوات حبات النرد ..مكتبي
في الروضة الغناء , بين أزهار الياسمين والشيوخ المراهقين في حمص الحبيبة مكتبي.
في حمص أعرف كل الأبواب.
وكل الأحياء
والزقاق القديم , والمسجد الكبير , وكنيسة الديوان.
في حمص أعرف كل الناس , وأعشق كل الناس , و أهوى نسيمات الميماس.
جلست على شاطئ العاصي الجميل , في مدخل مقهى لا يدخله إلا الشعراء المقهورين .
أنا وكأس النسيان الأبيض, وحبات من البزر القاسي , ووردتان , وباقة من شقائق النعمان , وخيال ديك الجن الحمصي.
.........
......
قالوا : سافر إلى الأبدية ولن يعود
وقالوا: سافر إلى السلميّة وسوف يعود
بدأت الشمس تميل نحو الغروب , وما زالت بعض أشعتها تتسلل بين الأغصان , ويضفي على كأسي العاشر لوناً ذهبياً آسراً.
يااااااااالله ......رأيته يعود
رأيته في ثمالة القدح العاشر ...
يركب حصاناً احمر
بيده سيف صقيل ملطخ بالدماء
سمعته ينادي بصوت حزين :
يا صاحبي......يا من تنتظر عودتي....لقد عدت
وقهقه ساخراً: قتلت حبيبتي.....قتلتها لأنني احبها
رمى السيف , ووكز الحصان , قفز إلى الضفة الثانية , نظر نحوي وقال:
ولم أعد أذكر إلا بضع كلمات مما قال:
يا معشر الشعراء المساكين , لا تملكون غير هذا الخيال الفسيح , و الأقلام المنافقة , وربابة السلطان
ومن يملك منكم حبيبة ....يهديها إلى الجلاد
وغاب عن ناظري.
صحت بصوت مرتفع : أرجوك عد إلي ّ قليلاً , إني أنتظرك منذ زمن ....عد يا ديك الجن.
سمع صاحب المقهى صوتي , واقتادني حتى الباب , سمعته يقول مؤنّباً : أين زمانك وزمان ديك الجن , لكن ما أكثر أحلامكم أيها الشعراء.
مقهى الروضة بحمص ....1960
الشاعر حسن الياسين